الموضوع: شعب للتقبيل
عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 30-01-2010, 10:41 PM
جليس الشاطئ جليس الشاطئ غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 146
معدل تقييم المستوى: 4390
جليس الشاطئ محترف الإبداعجليس الشاطئ محترف الإبداعجليس الشاطئ محترف الإبداعجليس الشاطئ محترف الإبداعجليس الشاطئ محترف الإبداعجليس الشاطئ محترف الإبداعجليس الشاطئ محترف الإبداعجليس الشاطئ محترف الإبداعجليس الشاطئ محترف الإبداعجليس الشاطئ محترف الإبداعجليس الشاطئ محترف الإبداع
شعب للتقبيل

((شعب للتقبيل .. لعدم التفرغ ..))


بقلم معاذ القايدي:


2009-12-02




أمرٌ بصلاة الاستسقاء .. مطر لمدة نصف يوم .. سيل راعب .. يطمر أحياء ببيوتها .. تسبح الجثث مع الأشجار .. والمخلفات ..


البيوت لم تعد حصنا من الماء المختنق الذي يريد الوصل لأعلى ما يستطيع..


السيارات فوق بعضها كأنها كعكة .. الفرق .. أنها كعكعة مأساة لا كعكعة زفاف ..


والحكومة تشاطر الشعب (أصحاب المنازل العشوائية) همومهم ومآسيهم كما ذكر هذا سمو الأمير خالد الفيصل !


مشاريع جديدة لم تجف عنها (البوية) أصبحت في خبر كان !


وحكومة فصل التوائم .. تترك عشرات الجثث .. يتقاذفها السيل .. تناقض لا يصفه وصف ! وكأننا في فيلم هوليودي غير أنه reality show ..


دولة تقيم جامعة عالمية وتهمل البنى التحتية !


كأنما تضع الميك أب على وجه عجوز عارية شمطاء مليئة بالدمامل .. وثم يطلق من حولها الزغاريد ويزفوها إلى عريسها (الشعب) ..


الشعب الذي لم يزل في دائرة الرحى يتم طحنه حسب الشريعة الإسلامية !!


روسيا انفجر فيها تشرنوبل .. والمملكة ينفجر فيها بحيرة فضلات !


مفارقة غريبة !


لو رصوا التسع مليارات التي زعموا أنها صرفت لمجاري جدة ، لصنعت سدا في بحيرة المسك !


...


مرة أخرى .. مالذي أريده من كل هذا ..


سأوجه اللوم لنا أولا .. نحن الشعب الذي أدمن صفتين مخجلتين .. هي الصمت والتصفيق !


لا يعرف الاعتراض .. ولا الرفض ..


وهذه هي النتيجة .. مهزلة الأرواح !


ولا مبالاة فظيعة !


. ..


المشكلة أعمق من ذلك !


تختفي المشكلة تحت طبقات أخرى !


الفساد الإداري .. في إرساء المناقصات على المصلحة الشخصية فقط !


الفساد السياسي .. في تولية غير الأكفْاء !


الفساد المالي .. في تبذير ثروة هائلة لا تتوفر لأي دولة !


ويعطى الشعب .. الفتات من فتات الفتات !


حتى أن العساف .. أشار أنه لا يمكن تعويض الأهالي عن السيارات ..!!


بطبيعة الحال .. الحكومة لم تعصر السحاب حتى يمطر .. ولم تسكب السيل من الوادي .. بل هي الأقدار ..!!


والشرع يأمرنا بالصبر على ذلك !!


هذا هو المنطق الأعوج .. الأبله !!


كأن مليارات الدولارات من البترول لا وجود لها .. إنه منطق الامتلاك والتملك التي يسيطر على التصرفات الحكومية !


من المسؤول ؟


إنها الحكومة بلا شك !


إنها الحكومة التي ترى لها الحق في امتلاك الأرض والشعب والسماء والعقول والقلوب .. والضمائر .. وكل ما دب ودرج !


ولا تُسأل عما تفعل .. بهذا المنطق تتعامل الحكومة مع الشعب !


وإلا فكيف نفسر هذه الكارثة التي تشي بمقدار الفاسد الذي ينخر الحكومة حتى أُسها !


الحكومة هي المسؤولة لأنها تسيطر على كل مفاصل الشعب بكافة تفاصيلها !


ولا يوجد أي مجال لجمعيات وهيئات مجتمع مدني .. تجعل الشعب يستغني عن الحكومة قليلا .. أو على الأقل يستطيع التعامل مع الأزمة المطرية ، بشكل أسرع ، ريثما يرفع الدفاع المدني سماعته!


أيضاً الشعب .. يتحمل ثِقَلا لا يخف من هذه الأزمة التي تتعدى مجرد سيل وموت الناس .. إلى عمق الثقافة لدينا .. فهناك موت ثقافي داخل العقول .. يتمثل في الصمت المطبق على كل أزمة أو مصيدة تحصل لهذا الشعب المحتار !


والاكتفاء بدور الحكومة التي لا تعرف دورها !


الشعب الذي ترسخ في ذهنه أن أي نقد للحكومة هو خروج عليها !


وأنها تريد لنا الخير كل الخير .. ولكن (هالبطانة) هي السبب في الوقوف ضد نوايا الخير التي تسيل على الشعب !


الشعب الذي لديه القدرة على أن يشك في نفسه .. ولكنه لا يخطر في باله طرفة عين أن الحكومة مقصرة .. بل ومفلتة .. بل وتائهة !


يجب أن يستعيد الشعب دوره في محاسبة الحكومة ومراقبتها .. لأنه حق لها ..


كما تفعل كل الأمم المتحضرة ، وهو شرع الله من قبل ومن بعد !


فعلا ينبغي لنا أن نودع عهد الصمت والتصفيق .. إلى عهد جديد من المساءلة والمراقبة .. والنقد الذي كفله لنا الإسلام .. وتتفق عليها فطرة كل انسان طبيعي !


النقد العلني الذي لا تزلف فيه .. ولا شتم .. ولا ضعف فيه ولا طغيان ..


لا أقصد من هذا التثوير طبعا .. وإنما ممارسة الحق الطبيعي السلمي في مواجهة الفساد الجارف .. الذي لو لم نقف في وجهه فسوف يطمرنا غدا ، وسوف يمر على جدة والشعب ألف تسونامي .. ونحن موتى الأحياء ..


يقول محمد الماغوط : (من كثر ما ركعت للطغاة ، لم أعرف كيف أركع لله) ..


يبدو أن هناك شعبا كاملا لم يعد يعرف كيف يركع لله .. وودع الدفاع عن حقه .. واستمرأ السكوت على الظلم والضيم ! .. الذي لا يتواجد في أمة إلا ومحاها من الوجود بعد أن يمحو عقولها وكرامتها ..


إذا كنا نعتقد أنه لا رأي لنا نقوله ، ولا حقوق لنا ندافع عنها ، ولا ظلمة يستحقون المحاسبة والعقوبة وإن كانوا ولاة أمر .. ونمارس هذه العبودية و القناعات عملياً ، فماذا نكون .
رد مع اقتباس