عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 08-11-2007, 02:15 PM
المتوهق المتوهق غير متصل
عضو سوبر
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 476
معدل تقييم المستوى: 36
المتوهق يستحق التميز
Unhappy البطالة بين السعوديين مرتفعة وفق المقاييس العالمية

ما هي حقيقة حجم بطالة المتعلمين الذكور في المجتمع السعودي "ممن ينتمون إلى الفئة العمرية - 15سنة فأكثر" من خريجي المؤسسات التعليمية العامة والعالية والذين يقعون خارج قوة العمل السعودية خلال الفترة (2000- 2006م) ؟ .. وما مدى تورط هذه الفئة بالجرائم الاقتصادية ؟ .. وما هي السبل الكفيلة بالحد من نمو هذه الظاهرة ومن تبعاتها الإجرامية ؟
أسئلة هامة جداً قاد البحث فيها إلى نتائج أثبتت أن بطالة المتعلمين من خريجي مؤسسات التعليم العالي في المجتمع السعودي كان لها تأثيرها في البناء الاجتماعي للمجتمع والمتمثل بالجوانب "الأمنية والاجتماعية والاقتصادية"، فقد ثبت أنها كانت سبباً في تورط هذه الفئة بجرائم اقتصادية، وكان من أبرز هذه الجرائم "جرائم سرقة السيارات، جرائم سرقة المنازل، جرائم سرقة المحلات التجارية".
يؤكد الباحث الدكتور إبراهيم بن محمد الزبن أستاذ علم اجتماع الجريمة المساعد ورئيس قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الإمام، أن هذا يحدث - فعلاً - في المجتمع السعودي الذي يعايش مستويات مرتفعة من التنمية التي يعبر عنها التطور في البنية الاقتصادية للمجتمع السعودي، ومن مؤشراته ارتفاع معدل الدخل القومي الإجمالي ومتوسط الدخل الفردي، وينبغي ألا يعاني من مستويات مرتفعة من البطالة، وبخاصة بين المتعلمين !

مفهوم وحجم البطالة
يحدد د. ابراهيم الزبن مفهوم البطالة المرتبط بالسلوك الإجرامي "بحالة البطالة الناتجة عن أزمات اقتصادية أو سوء التخطيط في توزيع العمل على كل من قوة العمل المحلية والوافدة، أو نتيجة لعدم التوافق بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل".. ويشير د. الزبن إلى أن البطالة في المجتمع السعودي توصف بأنها هيكلية "بمعنى أنها بطالة عدم التوافق"، كما جاء في تقرير التنمية البشرية الصادر من وزارة الاقتصاد والتخطيط لعام (1424/1423ه)، إذ لا تتوافق مؤهلات طالبي العمل مع متطلبات السوق. وقد يكون عدم التوافق نتيجة للشروط المعروضة بها الوظائف مع الشروط التي يقبل بها طالبوها، وقد يكون عدم التوافق مرتبطاً بالبعد المكاني، بمعنى (عند توفر الفرص الوظيفية ذات الشروط الملائمة) فإنها تكون في أماكن نائية بعيدة عن تلك التي يقطنها الباحثون عن العمل.





لقد أثبتت البيانات أن إسهام العمالة الوافدة في قوى العمل يفوق قوى العمل السعودية، فقد بلغ حجم قوى العمل السعودية في عام (1401/00ه) نحو (1.527) ألف عامل، وبمتوسط نمو سنوي (2.5%)، وفي نهاية الخطة التنموية الخامسة (1415/14ه) ارتفع عدد العاملين غير السعوديين، إذ بلغوا (3.945) ألف عامل، كما انخفضت نسبة نموهم لتصل إلى (2.6%). وفي عام (1423/22ه) استمرت أعدادهم في الارتفاع فبلغت (4.313.7) ألف عامل، وأما نسبة نموهم السنوي فارتفعت إلى (3.8%).
أما حجم البطالة في المجتمع السعودي فتتفاوت الإحصاءات المنشورة حوله بحسب تباين مصادرها وتوفر البيانات التي تم الاعتماد عليها في تحديد حجم البطالة ونسبتها.





ففي حين يشير معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي إلى أن البطالة في المملكة (1428ه) ارتفعت نسبتها إلى (12%) وأن هناك نحو (نصف مليون مواطن ومواطنة) يبحثون عن فرص عمل، بالمقابل فإن الإحصاءات تؤكد ارتفاع نسبة العمالة المستقدمة خلال العام (1427ه) بنسبة تصل إلى (99%) عن العام الهجري (1426). وأشارت إحصاءات غير رسمية أن نسبة البطالة في المملكة تبلغ حوالي (20%) وأن معدل البطالة بين الذكور يبلغ (9.1%)، بينما معدل البطالة بين الإناث بلغ تقريبا ثلاثة أمثال الذكور حيث بلغت (26.3%).
وقد أكد تقرير منظمة العمل الدولية (ILO) التابع للأمم المتحدة لعام ( 2004- 2005م)، بعنوان (العمالة والإنتاجية وتقليص الفقر) أن نسبة البطالة في المملكة تقدر بحوالي (7.04%). وعلى الرغم من الاختلاف السابق في تحديد حجم البطالة ونسبتها في المملكة العربية السعودية، فإن التقارير السابقة تشير إلى أن نسبة البطالة قد تجاوزت الحد المقبول عالمياً، وإذا ما أخذنا باحتساب المتوسط للنسب المنشورة عن معدل البطالة في المجتمع السعودي،، فإن نسبة البطالة في المملكة تبلغ (18.25%)، وتعد النسبة بهذا المستوى عالية جداً مقارنة بالنسب الدولية.







البطالة والجريمة الاقتصادية
يوضح د. الزبن في بحثه عن العلاقة بين بطالة المتعلمين والجرائم الاقتصادية أن هناك علاقة ايجابية بينهما "فكلما ارتفع حجم متغير السعوديين خارج قوة العمل بحسب الفئة العمرية ومتغير حجم السعوديين المتعلمين خارج قوة العمل ارتفع حجم الجرائم الاقتصادية".
وبالمقابل "كلما ارتفع حجم السعوديين المتعلمين داخل قوة العمل انخفض حجم الجرائم الاقتصادية في المجتمع السعودي".
ولفهم طبيعة التأثير الإيجابي لعامل التعليم يرى د. الزبن في بحثه أنه ينبغي إدراك الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل في المجتمع السعودي، إذ يفترض أن جهود تنمية الموارد البشرية التي تتمثل في مجالات التعليم العامة أو الفنية والمهنية توجَّه إلى إشباع احتياجات المجتمع الفعلية. ولكن الذي حدث أن النمو السريع في القطاع التعليمي لم يستوعب التحولات الاقتصادية في المجتمع؛ مما أدى إلى ظهور هذه المشكلة التنموية المرتبطة بالبناء الاقتصادي للمجتمع. وبناء على ذلك فإن المخرجات التعليمية أنتجت خريجين يفتقدون إلى الإمكانات والمهارات المعرفية التي تؤهلهم لشغل الوظائف والمهن المتاحة في سوق العمل . ومن بين هؤلاء الخريجين من ذوي التعليم المنخفض، الذين إضافة إلى تواضع شهاداتهم العلمية يفتقدون للخبرة المهنية التي تمثل أحد الشروط الأساسية للانضمام لقوى العمل في المجتمع السعودي، وبخاصة في القطاع الخاص. وبالتالي فإنهم يكونون أمام أحد خيارين: إما البقاء عاطلين عن العمل معتمدين على الآخرين في إشباع احتياجاتهم الشخصية، وإما الحصول على مهن أو وظائف بسيطة لا تؤمن لهم الدخل الكافي لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم. وبالتالي تصبح الوسائل اللامشروعة، كالسرقة بأنماطها المختلفة، أحد الخيارات المتاحة أمامهم لتحقيق الأهداف الثقافية المقبولة اجتماعياً .
ويضيف د. الزبن علاوة على هذا بأن الأبنية الاجتماعية تمارس ضغوطاً محددة على أشخاص معينين في المجتمع تدفعهم لارتكاب سلوكيات منحرفة، إذ تبرز قضية المفارقات بين طموحات هؤلاء الخريجين التي اكتسبوها من خلال ما تحصلوا عليه من مؤهلات علمية وبين التوقعات الفعلية التي يتيحها لهم البناء الاقتصادي. وهذه الظروف تجعلهم يعيشون نوعاً من الإحباط الذي يحفزهم لاستغلال الفرص اللامشروعة في المجتمع لتحقيق طموحاتهم الشخصية، وبخاصة ما يتعلق بالإشباع الاقتصادي (تحقيق المنافع المادية). وتزيد حدة هذه المشكلة إذا ما رافق ذلك شعور بالحرمان النسبي الذي لا يتولد نتيجة للشعور بعدم المساواة في توزيع الدخل بين أفراد المجتمع، ولكن نتيجة للشعور بعدم تكافؤ الفرص داخل سوق العمل، وبأن هذا التوزيع يبنى على أسباب أخرى لا تعتمد على الكفاءة والتعليم الذي يرون أنهم يتمتعون به بقدر ما يبنى على عوامل مرتبطة بالنظام الاقتصادي للمجتمع الذي ليس لديهم قدرة على تغييره أو مواجهته .
وهذه النتيجة في بحث د. الزبن تتفق مع ما توصلت إليه بعض الدراسات السابقة، فقد كشفت دراسة أجراها مركز أبحاث مكافحة الجريمة بالرياض (1413ه) عن أن معظم مرتكبي جرائم السرقة في السعودية ينتمون إلى المراحل العمرية المبكرة. كما أشارت دراسة، أجراها "الوليعي" عام 1413ه، إلى أن الطلاب السعوديين يحتلون المرتبة الثانية بين الجناة المرتكبين لجرائم السرقة في مدينة الرياض، وتنحصر جرائمهم في سرقة السيارات والمنازل والمحلات التجارية. وكذلك توصلت دراسة، أجراها "الخريف" عام 1419ه، الى أن معظم مرتكبي جرائم سرقة السيارات والمنازل هم من الطلاب والعاطلين عن العمل من السعوديين الذين تتراوح أعمارهم ما بين (12- 24سنة). كما وجدت دراسة، أجراها "العنقري" عام 1423ه، أن معظم مرتكبي جرائم سرقة السيارات كانوا من السعوديين العاطلين عن العمل والطلاب. ووفقاً لهذه النتيجة يرى د. الزبن إمكانية الإدعاء بأن زيادة معدلات خريجي المراحل التعليمية الذين قد لا يحصلون على الفرص المشروعة الكافية لتحقيق إشباع احتياجاتهم الشخصية وطموحاتهم التي تتناسب مع ثقافة المجتمع نتيجة لانضمامهم إلى العاطلين عن العمل أو الملتحقين بوظائف أو مهن بسيطة لا توفر لهم دخولاً مالية كافية؛ تزيد من فرص ارتكابهم للجرائم الاقتصادية باعتبارها وسائل غير مشروعة تحقق لهم المنفعة المادية التي يرغبونها.

رد مع اقتباس