الجزء الرابع
بسم الله الرحمن الرحيم
بدأنا التعاقد مع تجار جملة الجملة وقد كان الامر سهل جدا لأننا نعرفهم جميعا وخاصة شريكي كما انهم يعرفون امكانياتنا في التوزيع وبعدها بدأت الجولة في انحاء المملكة للتعاقد مع تجار الجملة وكنت حريص على زيارة التجار بنفسي خاصة مناطق الجنوب بالذات لأننا نتعامل مع بعض من سنين , ولم يكن الاتفاق صعب ولكن الصعوبة كانت في فتح اسواق جديدة في مدن جديدة مع تجار جدد وكنت حريص على اصطحاب شريكي في بعض الاحيان لتعزيز موقفي لدى التجار الجدد بالذات لان للخضارم سمعة جيدة ومصداقية في عالم التجارة , وبفضل الله كنا ندخل على أي تاجر ونخبره اننا الموزعون المعتمدون للشركة الفلانية والفلانية وهي شركات جملة الجملة ومعروفة في عالم لوازم الخياطة و الاقمشة وبعدها نعطي التاجر فرصة وننتقل الى مدينة اخرى وفي هذا الوقت كنا نعلم ان التاجر سيتصل على الشركة ليتأكد من التزام الشركات بالعقود ومدى فاعليتها , وكانت الشركة تزكينا لان من مصلحتها ان يتم التعاقد وفي طريق العودة كنا نجد التاجر قد اصبح جاهز لقراءة العقد والتوقيع علية .
خلال اشهر كنا قد ابرمنا العقود مع اغلب التجار والبعض الاخر كان يسمع بالاتفاق ويأتي بنفسة لينظم للمجموعة لأنه سوف يحصل على تنوع في البضاعة وخصم وبيع بالأجل .
مرت 11 سنة مليئة بالعمل والاخلاص , حققنا فيها مكاسب طائلة ولله الحمد استطاعت السنين بفضل الله وبفضل نصائح امي وشريكي وزوجتي ان تخلصني من شيطان الطمع والغرور وان تقربني من الله اكثر واكثر وان تحول العلاقة بيني وبين شريكي من مجرد شراكة الى اخوة ومحبة في الله بعيدا عن المصالح , كما انني بفضل الله اشتريت فلة كبيرة لا سرتي وتخرجت اختي من الثانوي وتزوجت من شاب من افضل الشباب ولله الحمد , وقد اقمت لها فرح ارضى ضميري وانتقلت الى بيت زوجها وانجبت اطفال واستقرت حياتها ولله الحمد .كما رزقني الله بولد وثلاث بنات واصبح عدد ابنائي 6 دخلوا المدارس الخاصة واصبحت حياتهم كما اريدها والفضل لله من قبل ومن بعد .
بعد ان اصبحت تجارتنا بهذا الحجم قررنا ان يكون ابناؤنا هم رأس الحربة في العمل فبدأنا بأبن شريكي وهو اكبر ابناؤنا وقد اجتاز المرحلة الثانوية وكان عند حسن الضن وتعلم سريعا , وبعد فترة قصيرة اصبح هو المدير التنفيذي للشركة واصبحت كثير من القرارات بيده بعد ان تزوج و تفرغ للعمل تماما , وقد طور واستحدث في العمل الشيء الكثير وادخل نظام الحاسب في المحاسبة والمستودعات مما سهل الامر علينا كثيرا وعاد على الشركة بالنفع .
ثم الحقنا ابني والابن الاصغر لشريكي بالعمل يداومون بعد العصر رغم انهم لم يزالوا في المرحلة المتوسطة , وكان الهدف هو ان يتعلموا ما تعلمناه ويشيدوا البناء على ما أسسناه والحمد لله انهم احبوا العمل في هذا المجال واصبحوا يعرفون الكثير عنة كما اننا كنا نعطيهم الفرصة في البحث والاكتشاف والمغامرة احيانا وقد اثبتوا ان التجارة تجري في دمائهم بالفطرة .
مع مرور السنين اصبح ابني الاخر مع اخية في العمل والحمد لله , ووصل ابني الكبير الى مرحلة الجامعة وابتعدت انا وشريكي عن العمل الاداري المباشر تدريجيا بعد ان حددنا مسار الشركة في تسويق لوازم الخياطة لتجار جملة الجملة فقط , وتركنا الابناء يديرون شركتهم لنعزز في انفسهم الثقة وتحمل المسئولية واكتفينا براسة مجلس الادارة وبمراقبتهم من بعيد وحل بعض مشاكلهم التي تدور حول مصلحة العمل بشكل اساسي .
(كنا نسمح بالنقاش في مصلحة العمل وكان ترتينا / انا رئيس مجلس ادارة الشركة وشريكي النائب ليس لنا دوام ولكننا نحضر الاجتماعات المهمة ونتخذ القرار فيما يعرض علينا مما هو خارج صلاحيات المدير التنفيذي , وابن شريكي المدير التنفيذي وابني النائب وهم مقيدون بدوام رسمي ويحصلون على رواتب ولهم صلاحيات كلا حسب موقعة) ,
وكان يدور النقاش بشرط ان يكون القرار الاخير في الامور التطويرية والادارية في حدود ميزانية معينة من صلاحيات المدير التنفيذي وهو ابن شريكي , دون تدخل احد منا سوى بالمشورة والنصح اما اذا كان القرار يتعلق بفتح فروع جديدة او شراء بضائع بمبالغ تتجاوز صلاحياته فلا بد من موافقتي التي تتم بالتشاور مع شريكي .
وفي ضل هذه القوانين الصارمة التي تحدد الصلاحيات استطعنا ان نعبر بشراكتنا الى بر الامان حتى في ضل وجود ابناءنا , وكل هذا لكي يستقر العمل , ونتيجة لهذا الاستقرار تفرغنا انا وشريكي بشكل كبير وحان الوقت لنستريح , واصبح لنا استراحة نقضي كثير من اوقاتنا فيها .
(كم جلسنا وابناؤنا يحيطون بنا ونحن نحكي لهم ونسترجع الماضي فنضحك على بعض المواقف وتدمع اعيننا على مواقف اخرى , وهذا انا اليوم اجلس بينكم واحكي لكم كما كنت افعل معهم ويعلم الله انني وانا اكتب ضحكت كثيرا وبكيت كثيرا , ايام لم ولن استطيع نسيانها)
بالرغم من ان ابناءنا وكل من حولنا يعلم حقيقة شراكتي مع اخي وصديقي وشريكي الا ان الامور لم تكن بشكل رسمي كامل بل كانت عبارة عن ورقة صورية كتبناها واشهدنا عليها بعض المعارف .
وفي احد الايام تعرضت لمرض بالصدر وتوقعت انه مرض القلب او مرض مميت , ولكن ثبت انه مرض بسيط ولله الحمد ولكني بعد تجاوزي له اصبت بحالة خوف شديد , وكان خوفي على ابنائي من الطمع وان يزين لهم الشيطان الاستيلاء على حقوق ابناء شريكي الذين لن يستطيعوا ان يثبتوا حقوقهم , حتى من خلال الورقة , ولو حدث واثبتوا ذلك فسيكون بعد سنين طوال , والحقيقة التي يعلمها الله واعلمها انا وقلتها لا بنائي ولمعارفي , مرارا وتكرارا ان كل الخير الذي نحن فيه انما هو بفضل الله ثم بفضل رضا امي ونصائح شريكي وإخلاصه لي وللعمل , وان الوقت قد حان بأن نرد له ولأبنائه الجميل بالحفاظ على حقوقه وحقوق أبناءه , لذلك سعيت ونجحت في اقناع شريكي بإقامة مشاريع في اليمن تكون باسمة , فكل ما بداخل السعودية بإسمي حتى املاك شريكي من فلة وعمائر وخلافة , وبعد جهد وعناء افتتحنا عدة مشاريع في عدن وتعز ولكنها لم تكن تمثل الا القليل جدا جدا من رأس مالنا .
ولكن بعد صدور قانون الاستثمار الاجنبي الجديد تمكنت ولله الحمد من حل هذه المشكلة التي كانت تؤرقني ليل نهار وذلك من خلال اعتماد ابن شريكي كمستثمر اجنبي بشكل قانوني وانهينا هذه المشكلة .
ومن مع مرور الوقت ومع بعض المواقف تلاشى خوفي على علاقة الابناء ففي احد الايام
( تعرض ابن شريكي الاكبر الى حادث سير ونقل الى المستشفى وعندما وصلت انا وشريكي وجدنا ابني الاكبر قد سبقنا الى هناك وكان عند غرفة العمليات يبكي بحرقه على اخية وصديقة شعرت عندها اننا استطعنا فعلا ان نجعلهم اخوة متحابين ).
وموقف اخر
(اراد ابني الحصول على سيارة فارهة واعترضت على هذا الامر فتوجه الى عمة أي شريكي وشكا علية الوضع فقال شريكي انه سوف يشتري السيارة ويقدمها هدية الى ابني ولكني رفضت , ففوجئت بأبن شريكي يتوسط له عندي فقلت له ولكنك انت اكبر منة ومتزوج ولا تملك مثل هذه السيارة فقال يا عمي هذا صحيح ولكن عبدالله في الجامعة ولدية اصدقاء يجب ان لا يكون اقل منهم خاصة انه مجتهد في دراسته ولا يوجد مبرر لحرمانه وامام توسلاته وافقت وكنت سعيد بهذا الحب والعطف والتكاتف بينهم اسأل الله ان يوفقهم لما يحب ويرضى )
بعد كل هذه السنين الحمد لله استطعت ان اتصالح مع نفسي واهدي من روعها , واشتريت لا ختي عقارات تكفيها وتكفي ابناءها اما امي فكانت طلباتها ان ابني لها مسجدا واكفل لها يتيما وقد فعلت ولله الحمد وهي اليوم امرأة كبيرة اسأل الله لها حسن الخاتمة عرفتها انسانة عظيمة تخاف الله في فقرها وغناها وعافيتها ومرضها اسأل الله لها حسن الختام اسأل الله لها حسن الختام .
(ابنائي وبناتي لا تنسوها من الدعاء رحم الله والديكم وغفر لهم وامدهم بالصبر على طاعته وبالعمر المديد والصحة والعافية والخير الوفير وحسن الختام ).
وقد وفقني الله وبكل يسر وافقت امي واختي بأن نتنازل جميعنا عن حصتنا من ورث والدنا لصالح اخواني وامهاتهم فقد اراد الله لي الخير بذلك الخلاف معهم قبل ما يقارب 35 عام
قال تعالى (وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون)
ابنائي وبناتي اليوم وانا على مشارف الخمسين من عمري وقد تركت التجارة من حيث التفاصيل و انظر الى حياتي السابقة وكأنها مرت كلمح البصر ورغم ما مر فيها من احزان وافراح فقد احببتها كما هي ولو خيرت مرة اخرى لخترت حياتي كما كانت وكما وصلت الية .
هذا ما تيسر قولة وامكن إيراده واستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه واستسمحكم في سرد حلقة اخيرة قريبا ان شاء الله , اذكر لكم فيها اهم عوامل نجاح المشاريع التجارية وكيف تحافظ على مشروعك وتنمية لتكون امبراطورية من مشروع بسيط وذلك من خلال تجربتي عسى ان تجدوا فيها ما ينفعكم بإذن الله .
محبكم
لوازم خياطة