عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 23-10-2014, 03:25 AM
صدام فكراوي صدام فكراوي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Oct 2014
المشاركات: 5
معدل تقييم المستوى: 0
صدام فكراوي يستحق التميز
إذا أردت تحقيق ما تريد، فافعل.. ولا تسأل

إذا أردت تحقيق ما تريد، فافعل.. ولا تسأل

كان هذا اليوم السبت، الموافق 10/5/2014، يومًا سعيدًا وثريًا. ففي مثل هذا اليوم وقبل عامين، رفع جرَّاح العيون الغطاء عن عيوني، بعد عملية جراحية كبيرة، استعدت على أثرها جزءًا من بصري، كان كفيلاً بأن يعيد إليَّ حياتي الطبيعية، بعدما قضيت 28 يومًا في ظلام دامس.

اليوم، بدأت العمل في السابعة صباحًا، مستمعًا إلى أربع محاضرات على موقع "تِد" TED العالمي. ومع خلاصة كتاب (عين العقل) قضيت ساعة كاملة؛ أقرأ وأفكر. فللعقل عيون ثاقبة، تُمكِّـننا من رؤية ما لا يرى، ومن قراءة الناس وسبر أغوار النفوس بثقة وإحساس. وعندما فتحت بريدي الإلكتروني، وجدت مقالة من مجلة "هارفارد" حول "ما تضيفه القيم من قيمة إلى حياتنا،" كتبتها "دوري كلارك" الأستاذة في جامعة "ديوك" ومؤلفة كتاب: "أعد صناعة ذاتك" أو "أعد صياغة حياتك."

استنتجت من محاضرات "تِد" ومن مقالة القيم، أنه على سلَّم "ماسلو" للاحتياجات، يحتاج الفرد إلى خمس قفزات ليحقق ذاته. في حين أن المنظمات والمجتمعات لا تحتاج سوى ثلاثة مستويات. فالمجتمع لا يرى بعيدًا إلا بعين الجماعة، ولا يعقل إلا بفعل التفكير الجمعي. فحاجاته الأساسية والاجتماعية متداخلة، وعندما يحققها، يقفز من مستوى (النجاة) الأوَّلي أو الأساسي، إلى مستوى (النجاح) الثاني أو الأعلى. فالمجتمعات إما خائفة ومتفرقة وفاشلة، وإما جامعة وناجحة. لكن النجاح والقوة اللتين تتمتع بهما دول مثل أمريكا وإسرائيل وروسيا والصين – مثلاً – لا تشكل قمة الهرم، على سلم صعود وتألق الأمم. فهناك مستوى أرقى وأسمى لنجاح الأمم، وهو مستوى العظمة، الذي لا يتحقق إلا ببلوغ مستويات من الرفاهية والحرية والرضا، يجعل معظم أفراد المجتمع يشعرون بالطمأنينة والسعادة. نجد مثل هذا المستوى مثلاً في دول مثل: سويسرا والدانمارك وموريشيوس وبوتان والنرويج وإستونيا وأستراليا. وهي دول ليست كبيرة، وليست كلها غنية، ولكنها دول إيجابية.

ربما ترون أن بعض الدول العربية قد حققت بعض النجاح، وانتقلت من مستوى الخوف والصراع والبحث عن الهوية، إلى مستوى النجاح والتفاعل مع العالم بثقة وأريحية. لكن هذا، للأسف، غير صحيح. فنحن نعيش رفاهية بلا حرية، ونوظِّف أحدث التقنيات في أسوأ الجامعات، ونملك صحفًا بلا صحافة، ونخرج أطباء وطبيبات، ولا نخرج ممرضات، وفي مدارسنا نحفل بالتلقين، أكثر من التربية والتعليم. وفي التدريب نبحث عن الشهادات دون المهارات. وفي التوظيف، فالاعتبار الأول للواسطات، والأخير للكفاءات والخبرات. وتنحصر أكبر إنجازاتنا في العمارات والفضائيات وآخر الموضات وموديلات السيارات.

في مقالة له بعنوان: "ماذا تعلمت من بل جيتس؟" كتب الاقتصادي الكوري "جيم كيم" وهو أحد رؤساء البنك الدولي يقول: "في كوريا الجنوبية حققنا ما يمكن أن نسميه الابتكار واسع النطاق. يقضي الطلاب في كوريا أكثر من 12 ساعة يوميًا في المدارس، ولدينا أفضل معلمي العالم، ولذلك زادت ميزاتنا التنافسية وطاقاتنا الإنتاجية، وخلقنا مجتمعًا عماده الخبرة والجدارة والوفرة."

في مجتمعات الجدارة وتكافؤ الفرص، يعتبر الفشل مسؤولية الفرد. فالدولة مسؤولة عن توفير فرص متكافئة للجميع، وكل مواطن مسؤول عن نجاحه، ويتحمل مسؤولية فشله. وفي دول اللاعدالة والشطارة، يعتبر الفشل مسؤولية المجتمع، والنجاح مسؤولية لا أحد. ولهذا تنحو الدولة إلى الهبات والعطايا، وتوزيع المنح والهدايا، فتصنع مجتمعًا يُعطِي فيه من لا يملك، لمن لا يرضى ولا يستحق.

هذا ما جال في خاطري في هذا اليوم الطويل، المتخم بالقراءة والتأمل والتفكير. وإذ خلصت إلى أننا نعيش ازدواجية في السلوك والشخصية، ونعاني من التناقض بين ما نبدو عليه، وما نحن عليه بالفعل، وبين ما ندعيه، وما نعيش فيه، تذكرت قصة ذلك الشاب الذي أراد عبور النهر، لا لشيء، إلا لأن للنهر ضفتين.

وقف الشاب على ضفة النهر، وسأل رجلاً كان يسير على الضفة المقابلة: "كيف أعبر إلى الضفة الأخرى؟" فرد الرجل بهدوء: "أنت الآن على الضفة الأخرى." فسأل الشاب بصوت أعلى: "أريد أن أعبر إلى الضفة الثانية." فأجابه الرجل بصوت جاد وحاد: "نعم.. أعرف، أنت الآن على الضفة الثانية." فصرخ الشاب بنزق: "إذن كيف أصل إلى المكان الأول؟" فرد الرجل ساخرًا: لا أحد يغير مكانه ويبقى في مكانه الأول!" إذا أردت أن تصل إلى ما تريد، فافعل ولا تسأل!
نسيم الصمادي



يمنع نشر الروابط

ادارة الموقع


رد مع اقتباس