[align=center]
[align=justify]
.
.
.
.
.
.

القصة منقوله من احد المواقع :

بالصدفة وقع نظري على إعلان لشاب سعودي يبلغ من العمر 22 عاما يطلب وظيفة مهما كانت هذه الوظيفة وكان مكانها فلهُ بها حاجة ماسة كان يشكي ويتأوه يردد وا ضيق صدراه واحر قلباه ويتألم وهو يبكي حتى لكأنك تسمع نشيجه يندب حظه العاثر ليس له من عمل سوى هش ذباب السرو عن فتات على طاولته العتيقة تلك التي غابت معالمها ولم يبق منها سوى ذكريات خطوطه التي خطها وهو يدرس دروسه يقول أن السنين قد قلمت كل جميل وقرضت كل حسن ومحت كل مستقبل ترى دموعه على صفحة الكتابة قطرات وترى الكلمات عبرات تتذكر وأنت ترى حزنه الذي حمله بين أحناء ضلوعه تلك المنة وماتفعل (بالهيبيسكوس) أكتنفته الهموم من كل مكان وأشتد عليه أوارها من كل جانب فإن سد منها ريح أتاه إعصار ومع كل ذلك ليس له ركن يركن إليه يرقب الأجواء علها تأتي بالأمل لكن الأمل بعيد فيعود يضرب أخماس في أسداس في سبعات حتى صوح كفه وصرخت نفسه تأثرت كثيرا من رسالته وما عساي أفعل فقلب الديك عطوف يرحم وهو يرى من بادت أمانيه وذهبت آماله فأرسلت له الرقم بعد أن كتبت له عن الوظيفة في رسالة وقلت أن لدي شركة مقاولات وأنني بحاجة ماسة إلى صباغ كما هي حاجته وسوف يكون العمل (بالنسبة) بحيث لا يقل دخله الشهري عن ثمانية الآف , ساعات مرت وإذا بجوالي يرن وإذا هو الشاب نفسه يقول ولحن البشرى في قوله أنه قد قبل بالوظيفة وأنه فرح فقلت أحزم حقائبك وجهز نفسك وتعال لتحصل على رزقك وأخبرته أن سكنه بالمجان وله غرفة خلو من أي إنسان وكذلك أكله وشربه بالمجان وليس عليه سوى العمل فشكرني وقال أنا قادم على عجل مرت ثلاثة أيام وإذا هو عند باب الشركة يهاتفني


فقلت أدخل وطلبت من السكرتير أن يدخله فورا
هذه بالطبع هي المرة الأولى التي نرى فيها بعضنا البعض
كان شابا نحيلا هزيلا ضئيل الجسم للغاية قصير لايتجاوز طوله الستين فوق المائة ترى فيه آثار طموح لكنه طموح مسخته الكآبه
وكنت أنا طويل للغاية 194 بالتمام والكمال

فلما وقفت لأسلم عليه علت منه ومني ضحكة حيث كان صوته ضخم وصوتي ناعم رخيم وشتان بين الصوت وصاحبه فضممته لأبعد عنه هيبة الغربة وبُعد المكان وأخذته بيده مجلسا إياه ورحبت به وشرحت له طبيعة العمل وأنه ضمن فريق من سبعة عمال يعملون في الصباغة وأنه سيتمرن معهم ويعمل , وأنه متى ما أثبت جودة عمله سيحصل على نسبة قد تصل إلى خمسة عشر ألف في الشهر
ففرح وأعطيته رقم الغرفة بعد أن وقعنا اتفاقية عمل وقلت له أرتح لمدة يوم وغدا نبدأ فرفض وأراد العمل حالاً
فقلت كما تحب وطلبت من المهندس المدني أخذه لعمارة قريبة نعمل فيها
ومضت عشرة أيام وهو يعمل بجد فعلى الرغم من ضآلة جسده كان قويا نشيطا ذا حيوية
وفي العشرة الأخرى بدأ يتقهقر ويسهر ويغيب ويتأخر وينشغل بجواله كثيرا
وقبل نهاية الشهر بسبعة أيام طلب راتبه وقال أنه يريد الذهاب إلى أهله في إجازة ويعود بعدها فقدرت ظروفه وأعطيته الراتب كاملا

وأتصل بعد أسبوع واحد يعتذر ويقول أن العمل لم يناسبه وأنه لن يعود وكان يشكر ويعتذر فقلت لا بأس ولك شهر تراجع فيه أمرك
كان ذلك قبل خمسة أشهر
بالأمس تلقيت منه اتصالا يريد فيه الرجوع
فاعتذرت منه إذ حل محله آخر وهو شاب سعودي له الآن ثلاثة أشهر يعمل بكل جد واجتهاد
وهذه همسة في أذن كل شاب لم يجد وظيفة
هل تعرف أن مقاولة الفلة الواحدة للصبغ هي ثلاثين ألف على أقل تقدير
وأن عملها يحتاج إلى ثلاثة أشخاص على أكثر تقدير
وشهر واحد كاف لإنهاء صباغة الفلة بالكامل
وأن تدريبها يحتاج إلى شهر واحد فقط
فهذه عشرة الآف نصيب كل واحد للفلة الواحدة
فشمر عن ساعدك أخي الشاب
وأتذكر حين بدأت في شركتي كان هناك مقاول سوري يحصل على 35 ألف في الشهر الواحد هل تعلم ما هي وظيفته
كان نجار قابلته قبل فترة وكان ولده معه ( الولد وأقسم على ذلك أشترى سيارة لكزس ) فقلت كيف أمورك مع العمل
قال الحمد لله عندي الآن أربعة فلل أخذتهن مقاولة قلت بكم الفلة الواحدة فقال ( حوالي 350 ألف لكل فلة شغل يد ) نصيبه من الواحدة لا يقل عن ثمانين ألف ريال والباقي يذهب لأربعة من العمال معه
أيها الشاب مع كل التوقير لك ومع كل الاعتذار ومع كل ما في الصدق من صدق دع عنك الانتظار وأترك الصورة الخلابة التي في خيالك تلك التي لن تغني عن الحقيقة شيئا ولن تستقيم مع الواقع ولن تحل مشكلتك وأخرج من السياج وأنفض عنك غبار الأنقاض أنقاض الوهم ولا تكن كالخادرات ضحية للفطريات و لتكن بدايتك عامل نعم عامل فغدا سيأتي الأمل الذي يحمل في يده من كد يدك مبلغا تستطيع فيه بدء شركتك فنحن مقبلون على عمران لا مثيل له
وصدقني أنني صادق معك كل الصدق وأعلم أن الصدق مؤلم أحياناً أعلم ذلك لكنه الطريق إلى السعادة
وخذ من السابقين مثالا فلا تيأس أبداً ودونك الأديب الإيطالي ألبرتو مورافيا فرغم شلله الرباعي تعلم أربع لغات وهو على السرير وعرف كيف يكتب على الآلة فكتب وعلى شأنه
أخشى ما أخشاه بعد هذه المقالة أن يأتي أحد ويسألني
كيف كان يكتب الأديب وهو مصاب بالشلل الرباعي
وجوابي على ذلك لعله كان ينقر بخشمه والخشم مفيد أحياناً

فيا أيها الشاب لك تحياتي
[/align]
[/align]