رغم أن التوجه العام للدولة يسير نحو تعزيز دور التقنية في جميع القطاعات الحكومية، والعمل بنظام التعاملات الإلكترونية، إلا أنه مازال العديد من خريجات قسم الحاسب الآلي يعانين من قلة الفرص الوظيفية المتاحة أمامهن، التي تناسب مؤهلاتهن مما اضطرهن للعمل في مجالات بعيدة عن تخصصاتهن ولا ترضي طموحاتهن, مجمعين على أن هذا الأمر سبب لهن الإحباط وعدم الرغبة في مواصلة التعليم العالي.
فمن المسؤول عن ذلك, وهل اكتفت القطاعات الحكومية والخاصة حتى لا تجد أولاء فرص عمل مناسبة؟ توجهنا بهذا السؤال لعدد من المختصين في مجال الحاسب والتوظيف لمحاولة الوصول إلى حل فإلى التفاصيل:
حول هذا الموضوع يؤكد الدكتور فهد الخريجي عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود أن الحاجة ماسة لصناعة البرمجة بالشكل المناسب وبحاجة كذلك إلى نشر الوعي الكافي بأهمية البرمجة فمجالات العمل أمام خريجي الحاسب كثيرة لكنها لم تستغل لقلة الوعي بأهمية دور التقنية في تحسين الأداء ورفع كفاءة العمل.
وقال "نلاحظ أن معظم الشركات والمؤسسات الحكومية لديها مواقع إلكترونية ولكن هذه المواقع لا يتم تطويرها حيث يلجأ معظم أصحاب الشركات والمؤسسات إلى الاستعانة بشركات لتصميم المواقع، وبعد أن يدشن الموقع يبقى فترة طويلة دون إجراء أي تعديل أو تطوير على الموقع، كما أنه لا يستعين أبدا بالكوادر الوطنية من النساء أو الرجال بالشكل المطلوب".
ولفت الدكتور الخريجي إلى أن الفرصة مواتية لخلق فرص وظيفية هائلة لخريجي وخريجات الحاسب ألا وهي أمن المعلومات, حيث ذكر الدكتور أن امن المعلومات من أهم القضايا التي أغفلتها منظماتنا المحلية رغم أنها من القضايا الحساسة والتي تتطلب وجود كوادر مؤهلة تقوم عليها وزاد" هذه الكوادر موجودة فلدينا عقول لم تستثمر ولابد من تطوير فكرة العمل الإلكتروني في جميع القطاعات لاستيعاب خريجي أقسام الحاسب ولتحسين وتطوير عمل المنظمات.
من جانبه ذكر خالد السجان مدير عام الحل الأول للاستشارات الإدارية وتوظيف الكوادر التنفيذية أن الفرص الوظيفية المتاحة للخريجات قليلة جداً فما زال القطاع حكراً على الرجال، بسبب أن البيئة المناسبة لعمل النساء غير متوافرة حالياً وتحتاج إلى تجهيزات خاصة وتكاليف مادية كبيرة, إضافة إلى أن طبيعة العمل على الحاسب تحتاج إلى احتكاك مع استشاريين وجهات خارجية وسفر متكرر مما يجعل هذا النوع من الوظائف غير مناسبة لكثير من السيدات.
ويعتقد السجان أن الفرصة الوحيدة المتاحة أمام خريجات الحاسب هي العمل في البنوك، وأضاف" فحالياً وفرت بعض البنوك البيئة المناسبة لعمل خريجات الحاسب مما يمكنهن من تحسين قدراتهن وتطوير أنفسهن في مجال الحاسب والبرمجة، أما باقي القطاعات التي تتوافر فيها أقسام للحاسب تكون الوظائف المتاحة فيها عبارة عن إدخال بيانات أو أعمال السكرتارية فقط، بعد أن انعدمت البرمجة في معظم القطاعات النسائية الحالية".
وهنا تقول هديل القنيبط "بعد أن تخرجت من قسم الحاسب الآلي من جامعة الملك سعود حاولت البحث عن وظيفة تناسب مؤهلي ولكن مع الأسف لم أجد، إذ كانت معظم الفرص المتاحة لا تناسبني فمنها ما تكون فيه فترة الدوام طويلة جداً أو تكون بيئة العمل غير مناسبة لذا فضلت العمل في البنك في وظيفة مسؤولة خزينة مع أنها لا تناسب مؤهلي ولكنها هي الفرصة الوحيدة المتاحة أمامي", مضيفة أن هذا الأمر سبب لها الإحباط فبعد أن كانت ترغب في مواصلة تعليمها العالي غيرت فكرتها معللة ذلك بقولها "ما فائدة أن أكمل تعليمي ما دمت لن أستفيد من هذه الشهادة وسيكون مصيرها درج المكتب".
أما شذا الطلحي وتعمل حالياً في وزارة التربية والتعليم فتقول "حالياً أنا أعمل في قسم يناسب مؤهلي نوعاً ما وقد ساعدني على تطوير قدراتي, ولكني أشعر أن لدي قدرات أكبر اكتسبتها من خلال دراستي الجامعية في قسم الحاسب ولم تستغل حتى الآن فحالياً أعمل على البرمجة بلغة "الفيجول بيسك" فقط مع أني أجيد البرمجة في عدد من لغات البرمجة الأخرى, ولكن ما زال لدي أمل في أن يتحسن الوضع ونعطى ثقة أكبر وتفتح لنا مجالات عمل أكثر لنستطيع أن نثبت جدارتنا ونرد لهذا الوطن ما يستحقه فبعد أن صرف على تعليمنا وتأهيلنا نجدنا عاجزين عن استثمار قدراتنا بالشكل المناسب".
وتؤيدها سهام الفواز فتقول " تخرجت من قسم الحاسب الآلي بعد أن قضيت خمسة أعوام في الدراسة بذلت فيها قصارى جهدي لكسب المعرفة والحصول على الشهادة التي توقعت أنها ستفتح لي شتى الأبواب ولكني فوجئت بان فرص العمل ضئيلة ومحدودة جداً, وكان التنافس للحصول على الوظائف كبير جداً ما اضطرني للعمل كمدربة للحاسب الآلي لكن لم أستمر في العمل أكثر من ستة أشهر لأني لم أشعر بالانتماء لهذه الوظيفة وكان طموحي أعلى بكثير فبحثت من جديد عن عمل أفرغ فيه طاقات وأعطية من خبراتي التي اكتسبتها في سنوات الدراسة ولكني وللمرة الثانية لم أجد العمل الذي يناسب تخصصي".
وتضيف" فاضطررت للعمل في بنك في قسم خدمات العملاء مع أن هذه الوظيفة لا ترضي طموحي ولا تناسب مؤهلي, لذا آمل أن يفتح لنا المجال في جميع الدوائر الحكومية أسوة بالرجال وأن نعطى فرصتنا في العمل فكما هو معروف البرمجة تحتاج إلى الممارسة العملية لكي يستطيع الشخص أن يطور نفسه ولا يمكن أن يتحقق ذلك دون وجود وظائف مناسبة".
وتضيف سهام أن انعدام الفرص الوظيفية للمبرمجات قتل الطموح فيها لمواصلة تعليمها العالي فتقول "إن دارسة الحاسب الآلي ليست بالأمر السهل فبعد تجربتي في دراسة البكالوريوس التي لم تساعدني في الحصول على وظيفة مناسبة جعلتني ألغي فكرة إكمال الدراسات العليا